الوضع الداكن
الأخبار - تهديد جسيم يلوح في الأفق : قادة العالم الاقتصادي يحذرون
نشر بتاريخ 2023/11/03 11:03 صباحًا
395 مشاهدة

تقف القيادات العالمية على حافة اختبار مصيري قد يعيد للأذهان سيناريوهات العقد الثالث من القرن الماضي، تلك الأحداث التي مهدت الطريق نحو الفصول الأكثر دموية في التاريخ الحديث، الحرب العالمية الثانية.

 

هذا التحذير الخطير لم يأتِ من فراغ، بل صدر عن لسان فريدريك كيمب، رئيس مجلس “أتلانتك كاونسل” البحثي للسياسة الخارجية، مؤكدًا أن هاجس القلق هذا بات يسيطر على تفكير أبرز المديرين التنفيذيين في عالم الاقتصاد والمال.

 

جيمي ديمون، المدير التنفيذي لبنك جي بي مورغان، لم يخفِ توجسه حين أطلق تحذيره مؤخرًا، معتبرًا اللحظة التاريخية الراهنة من أشد الأزمان خطرًا التي شهدها العالم منذ عقود.

 

كيمب، الذي يشاطر هذا الإحساس العميق، يجد أن الشعور بالقلق لم يعد حبيس النخب السياسية، بل تعداه إلى قاعات مجالس إدارة الشركات الكبرى.

 

في تعليق له خلال قمة “سي إن بي سي” العالمية الافتراضية الأخيرة، أفاد كيمب أن الأمر لا يقتصر على المديرين التنفيذيين للبنوك التي تواصل معها شخصيًا، بل أصبحت السياسات الجيوسياسية جزءًا لا يتجزأ من استراتيجياتهم، وهي خطوة لم تكن في الحسبان قبل نصف عقد من الزمان.

 

ويُضيف كيمب أن التغيرات الجذرية التي تشهدها غرف القرار لم تقع فجأة بالتزامن مع تجدد نيران الصراع في الشرق الأوسط بين إسرائيل وحماس، بل جاءت نتيجة تراكمات وصدمات خارجية هزت أركان الاستقرار الاقتصادي وأعادت رسم ملامح السوق العالمية على مدار السنوات الخمس الماضية.

 

يُشدد كيمب على أن العمليات العسكرية التي قادها بوتين في أوكرانيا قد وجهت صفعة إنذار للعقول الإدارية، حيث بدأت غرف الإدارة العليا تكثف من إدماج التحليلات الجيوسياسية ضمن فرقها، مستعينة بخبراء استشاريين خارجيين وموسعة نطاق إدارة المخاطر لتشمل أعلى المناصب الإدارية.

 

ويختتم كيمب تصريحاته بلهجة جادة، مؤكدًا أن الجيوسياسية لم تعد مجرد عنصر هامشي في عالم الأعمال، بل باتت تُشكل أحد الركائز الأساسية التي تستند إليها قرارات غرف الإدارة، بطريقة لم يشهد لها مثيلًا في حياته.

 

وفي ظلال تلك الأزمات المتلاحقة، يرى كيمب أنه ليس من الغرابة أن يستنتج القادة التنفيذيون أن الغيوم القاتمة قد تزداد كثافة. إذ تشهد الأعوام الأربعة الأولى من هذا العقد أصداء أربع صدمات عنيفة: جائحة كورونا التي أربكت المعمورة، والانسحاب الأمريكي الذي وُصف بالفوضوي من أفغانستان والذي شكك في هيبة العم سام على الصعيد الدولي، وجرأة بوتين على غزو أوكرانيا، والتحدي الناجم عن نقل الشركات الغربية أعمالها خارج حدود روسيا، وما تلا ذلك من اندلاع نار الحرب بين إسرائيل وحماس.

 

يُطرح كيمب تساؤلاً غارقًا في الواقعية: “إذا كانت كل سنة من هذا العقد قد شهدت تحديًا خطيرًا، أفلا يُرجح أن تحمل السنوات الست المقبلة في طياتها المزيد من المفاجآت؟”.

 

تاريخياً، مر العالم بنقاط تحول جسيمة: الحرب العالمية الأولى والثانية والحرب الباردة، والآن، تتصاعد المخاطر على نحو غير مسبوق، فالعالم اليوم أشد تشابكاً وتقنياته أقدر على نشر الفوضى في لمح البصر.

 

يثق كيمب بأن على الولايات المتحدة تحمل مسؤولية استقرار النظام العالمي. يذكّر بالعبر المستخلصة من الحرب العالمية الأولى، حين أفضت سياسات العزلة الأمريكية إلى كوارث إنسانية لا تُحصى، بينما حمل النصر في الحرب الثانية إلى بزوغ فجر جديد للمؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة وحلف الناتو.

 

وفي هذه الأثناء، تتعزز العلاقات بين دول تجمعها العداوة للولايات المتحدة: الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية. هذا التقارب، الذي لم يسبق لكيمب أن شهد مثله، يضع النظام العالمي على محك الخطر، وإن كانت هذه الدول لا تضمر العداء لأمريكا صراحة، إلا أنها متحدة في رفضها لهيمنة الولايات المتحدة على هذا النظام.

 

يرى كيمب أن الخطر الأكبر يكمن في احتمال تحرك الصين ضد تايوان، وهو ما ينذر بعواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي نظرًا للدور الرئيسي الذي تلعبه الصين فيه. وفي سياق متصل، يحاول رئيس مجلس النواب الأمريكي الجديد، مايك جونسون، فصل المعونات المالية لإسرائيل عن المساعدات العسكرية لأوكرانيا، مقترحًا ربط المساعدات الأوكرانية بتشريع يتعلق بقضايا الأمن الحدودي الأمريكي. وأمام هذا الوضع، يحذر كيمب من أنه إذا لم تقدم أمريكا الدعم الكافي لأوكرانيا، فقد ترى الصين ذلك كضوء أخضر لمباشرة عمل عسكري ضد تايوان.

 

ويختتم كيمب نصائحه للشركات بضرورة التقليل من اعتمادها على الصين في سلاسل التوريدها، والتخفيف من المخاطر وبناء قدرة تحمل قوية، قائلاً: “قد لا تتمكن من السيطرة على الأخطار المقبلة… عليك أن تفهم الخطر جيداً وأن تتعامل معه بتواضع وحكمة”.

 

المصدر :

CNBC

الكلمات الدلالية
اقرأ ايضاً
اخر الحلقات