هو الملك الظاهر ركن الدين بيبرس العلائي البندقداري الصالحي النجمي لقب بأبي الفتوح، ومن ألقابه: سلطان مصر والشام، ورابع سلاطين الدولة المملوكية ومؤسسها الحقيقي، ولد سنة (1223م)، أسره المغول طفلاًً في الرابعة عشرة من عمره، وبيع في أسوق الرقيق في دمشق، فاشتراه الأمير علاء الدين إيدكين الصالحي البندقداري، بعدها خدم الملك الصالح نجم الدين أيوب في مصر، فأعتقه وجعله من جملة مماليكه، ثم ولاه رئاسة إحدى فرق حرسه الخاصة، ورقي قائداً لفرقة المماليك لما أبداه من شجاعة وحنكة وفروسية.
ومع تحولات الصراع، يفر بيبرس ومن معه من المماليك إلى الشام متنقلاً بين دمشق والكرك، حتى تولى سيف الدين قطز حكم مصر سنة (1260م) فطلبه إلى مصر، وأعطاه الوزارة، ومن ثم ولاه على قليوب، وما حولها، وتبدأ مسيرة جديدة لبيبرس مع قطز حيث ينتصر على المغول في معركة عين جالوت في ذات العام، وهي إحدى أبرز المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي؛ إذ استطاع جيش المماليك بقيادة سيف الدين قطز إلحاق أول هزيمة قاسية بجيش المغول بقيادة كتبغا، وقد وقعت المعركة بعد انتكاسات مريرة لدول ومدن العالم الإسلامي، التي انتهت بسقوط بغداد وقتل خليفتها المستعصم، ومن ثم سقوط مدن الشام وفلسطين وخضوعها لهولاكو.
انتصارات بيبرس المتوالية في المعارك، وقتله لقطز وتعيينه سلطاناً كما يقول المؤرخون تطبيقاً لمبدأ «الحكم لمن غلب» في العرف السياسي للمماليك، وبناؤه لأسطول بحري يحمي شواطئ بلاده من الصليبيين، ثم تأسيسه لنظام بريد متطور في عهده، ما بين القاهرة ودمشق وبالعكس، وإلغاؤه الضرائب، التي فرضها قطز، لتمويل الحرب ضد التتار، ومن ثم شق طرق المواصلات وتحسين شبكات الصرف الصحي، وتشييد المدارس والمساجد وتعيين القضاة واهتمامه بالمساجد، كل ذلك، أعلى شأنه في نظر المصريين.