تاريخ
-
كيف غيّر جمال عبد الناصر وجه مصر والعالم العربي؟
نشر بتاريخ 2025/07/10 11:01 مساءً
11 مشاهدة
جمال عبد الناصر.. زعيم القومية العربية وبطل معركة الاستقلال
في صباح بارد من شتاء عام 1918، وُلد في حي باكوس بالإسكندرية طفل لأبٍ صعيدي بسيط من بني مر في أسيوط. لم يكن أحد يدرك أن هذا الطفل سيصبح لاحقًا أحد أعمدة التاريخ العربي الحديث، وقائدًا اسمه جمال عبد الناصر. الرجل الذي غيّر وجه مصروالمنطقة، ورفع شعار الكرامة العربية عالياً.
نشأ جمال عبد الناصر في أحياء مصرية شعبية، وتلقى تعليمه في الإسكندرية والقاهرة، حيث بدأ وعيه السياسي يتشكل. التحق بالكلية الحربية عام 1937، وهناك، وسط الصرامة العسكرية وتقاليد الاحتلال البريطاني، بدأ يخطط لتغيير واقع بلاده.
بينما كان زملاؤه يركزون على التدريب، كان هو يفكر في مصير الأمة. وهكذا، انطلق في مسيرته العسكرية، متنقلاً بين أسيوط والإسكندرية والسودان، قبل أن يُعيّن مدرّسًا في كلية الأركان، وهناك التقى بضباط آخرين تقاسموا معه الحلم ذاته.
ثورة الضباط الأحرار: بداية التحول
كان العام 1952 مفصلياً. اجتمع 89 ضابطًا بقيادة ناصر، وأطاحوا بالملك فاروق في ثورة 23 يوليو/تموز. في البداية، كان محمد نجيب هو الواجهة، لكن سرعان ما ظهر جمال عبد الناصر كصاحب الكلمة العليا. عزل نجيب، وأصبح ناصر رئيساً فعلياً لمصر.
من ناحية أخرى، كان عبد الناصر يجهّز بلاده لمرحلة جديدة، حيثما ركّز على بناء الدولة الحديثة، وفرض إصلاحات زراعية، ومنع احتكار الأرض، فاقترب من الفلاحين ونال تأييد الشعب.
تأميم القناة.. والانتصار في وجه العدوان
في واحدة من أبرز لحظات حكمه، أعلن عبد الناصر تأميم قناة السويس عام 1956، ما أثار غضب بريطانيا وفرنسا وإسرائيل. فشنوا عدوانًا ثلاثيًا على مصر، لكن الشعب صمد، والدبلوماسية انتصرت. لقد خرج جمال عبد الناصر من هذه المعركة بطلاً قومياً.
بطل الاستقلال.. ونكسة 1967
كما لم يتردد في دعم الثورات العربية، فساند ثورة الجزائر بقوة، وحقق وحدة مصر وسوريا عام 1958 في إطار الجمهورية العربية المتحدة، التي لم تدم طويلاً. من ناحية أخرى، شارك في تأسيس حركة عدم الانحياز مع سوكارنو وتيتو.
لكن حلم الزعيم تلقى ضربة قاسية في نكسة 1967، حين هزمت إسرائيل الجيوش العربية، واحتلت سيناء والجولان والضفة الغربية وغزة. ورغم المرارة، خرج ناصر إلى شعبه معلناً مسؤوليته، فغصّت الشوارع بملايين المصريين يهتفون “لا تتنحّى”.
جمال عبد الناصر.. بين المجد والجدل
في نهاية المطاف، يرى البعض في جمال عبد الناصر رمزاً للاستقلال والعزة، بينما يراه آخرون مسؤولًا عن غياب الحريات السياسية، خاصة في صراعه مع جماعة الإخوان المسلمين الذين اتهمهم بمحاولة اغتياله في “حادثة المنشية”، وسجن العديد منهم وأُعدم بعض قادتهم، مثل سيد قطب.
وفاة الزعيم وسط القمة
في مساء 28 سبتمبر/أيلول 1970، وبينما كانت القاهرة تستضيف القمة العربية لمناقشة أزمة “أيلول الأسود”، توقف قلب عبد الناصر فجأة، وانتهت مسيرة رجل لا يزال اسمه يثير الجدل والإعجاب معًا.
في النهاية، تبقى سيرة هذا الرجل محفورة في ذاكرة الشعوب العربية، بين حلم لم يكتمل، ومشروع وطني لا يزال يبعث الأمل في قلوب الكثيرين.