تاريخ
-
تيبازة.. المدينة الجزائرية التي جمعت حضارات العالم
نشر بتاريخ 2025/06/04 11:09 مساءً
32 مشاهدة
تيبازة.. درة المتوسط التي تختصر تاريخ الجزائر في حضارة
مدينة الجمال الطبيعي والتاريخ المتجذر
على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، وبالقرب من العاصمة الجزائر، تتلألأ تيبازة كواحدة من أجمل المدن الجزائرية وأكثرها غنى بالتاريخ والحضارة. فهذه المدينة الساحلية تجمع بين زرقة البحر وصفاء الغابات، وتختزن في ترابها آثارًا شاهدة على تعاقب حضارات الفينيقيين والرومان والبيزنطيين والعثمانيين وحتى الفرنسيين.
من مرفأ فينيقي إلى مدينة مزدهرة
كانت تيبازة في الأصل ميناءً للفينيقيين في تنقلاتهم التجارية بين مدينة إيكوزيوم (الجزائر العاصمة حاليًا) ويول (شرشال). ثم تطورت في ظل الحضارة القرطاجية إلى مدينة ذات أهمية استراتيجية، وحملت اسم “تيبازة” الذي يعني “الممر” في اللغة المحلية.
وفي القرن الثاني قبل الميلاد، أصبحت المدينة جزءًا من الدولة النوميدية في عهد الملك يوغرطة، ثم تحولت إلى نواة لدولة موريتانيا القيصرية إلى جانب مدينة يول، وهي الفترة التي شهدت بناء الضريح الملكي الموريتاني.
حقبة الازدهار الروماني
مع دخول الرومان إلى شمال إفريقيا، تحولت تيبازة إلى مستعمرة عسكرية خلال عهد الإمبراطور كلوديوس، واحتضنت واحدًا من أبرز التجمعات الرومانية في المنطقة. وقد أصبحت المدينة مركزًا ثقافيًا واقتصاديًا، ضمت مسارح ومدرجات وأديرة، وحملت اسم “كولونيا إيليا تيباسنسيس”.
وبحسب المؤرخ الفرنسي ستيفان غسيل، فقد بلغ عدد سكان المدينة حوالي 20 ألف نسمة خلال القرن الرابع الميلادي، وكان يقيم فيها قادة الجيش وكبار الأثرياء الرومان.
دمار وعودة مع الوندال والبيزنطيين
في عام 430 م، شهدت تيبازة دمارًا واسعًا على يد السكان المحليين المتمردين بالتزامن مع دخول الوندال إلى المنطقة، لكنها أعيد بناؤها بعد نحو قرن على يد البيزنطيين.
في ظل الحكم الإسلامي والعثماني
رغم تراجع مكانة تيبازة في العهد الإسلامي المبكر، بسبب تأسيس الفاتحين لمدن جديدة، إلا أنها ظلت مأهولة، وحافظت على العديد من آثارها القديمة. وفي العصر العثماني، شيّد العثمانيون موقع “برج النابوط” كحصن دفاعي لحماية مدينة شرشال المجاورة.
التيبازة الحديثة.. مدينة على أنقاض التاريخ
مع دخول الاحتلال الفرنسي للجزائر في القرن التاسع عشر، تعرضت تيبازة للدمار مجددًا، لكنها بُعثت من جديد كمدينة حديثة، تضم الآن حوالي 30 ألف نسمة. وتُعد تيبازة اليوم وجهة سياحية رائدة، بما تحتويه من أطلال أثرية، وهوية ثقافية، وجمال طبيعي يميزها عن سواها.