تاريخ
-
حرب النكبة: القصة الكاملة لأول صدام عربي مع إسرائيل
نشر بتاريخ 2025/06/29 8:14 مساءً
6 مشاهدة
قصة حرب النكبة.. أول مواجهة عربية مع المشروع الصهيوني
لم يكن منتصف مايو/أيار عام 1948 مجرد تاريخ عابر في الذاكرة العربية، بل كان بداية لأكثر الجراح عمقًا في التاريخ الحديث. حينها، انتهى الانتداب البريطاني على فلسطين، وأُعلنت دولة إسرائيل، لتندلع بعدها حرب النكبة، أولى الحروب بين العرب والكيان الصهيوني.
بدأ كل شيء مع الحلم اليهودي بإقامة وطن قومي في فلسطين. استعانوا بقوى غربية، وبدأوا بتنفيذ خطة ممنهجة لتفريغ الأرض من سكانها العرب. قال يشعياهو بن فورت، عضو الكنيست الإسرائيلي: “لا دولة يهودية بدون إخلاء العرب من فلسطين”.
منذ القرن التاسع عشر، اتبعت الحركة الصهيونية استراتيجية واضحة: الاستيطان والسيطرة. ساعدهم في ذلك تهاون بعض الأنظمة وفساد أنظمة ملكية عثمانية وبريطانية لاحقًا. وحتى بعد معارضة الدولة العثمانية للاستيطان، استغلت المنظمات الصهيونية قوانين الأراضي لتوسيع نفوذها.
من مؤتمر لندن إلى وعد بلفور
بعد مؤتمر لندن عام 1840، تزايد عدد المستوطنات حتى بلغ 39 مستوطنة بحلول 1882، برعاية روتشيلد، المليونير البريطاني اليهودي. ثم جاء وعد بلفور عام 1917 ليمنح شرعية سياسية للحلم الصهيوني، ومع دخول الانتداب البريطاني، دخلت فلسطين مرحلة جديدة سُميت بـ”المرحلة الذهبية للاستيطان”.
التنظيم الصهيوني والاستعداد للحرب
بينما كان العرب يتخبطون في صراعات سياسية داخلية، كانت المنظمات الصهيونية تبني وتُسلّح وتُدرّب. ظهرت منظمات مثل “الهاغاناه”، “الأرغون”، “شتيرن”، و”البالماخ”. جهزت هذه الميليشيات اليهودية مستوطناتها كمواقع عسكرية مغلقة، واستعدت ليوم المواجهة.
العرب يستيقظون متأخرين
أدرك العرب متأخرين حجم الخطر، فأسسوا أحزابًا ومجموعات لمقاومة الهجرة اليهودية. لكن الخلافات بين القيادات، وسوء التنظيم، وغياب الدعم البريطاني، كلّها عوامل ساهمت في فشلهم بالتصدي للمخطط الصهيوني.
يوم اشتعلت الحرب
في 14 مايو 1948، أعلنت إسرائيل قيام دولتها، وبعدها بساعات بدأت حرب النكبة. خمسة جيوش عربية دخلت المعركة: مصر، الأردن، العراق، سوريا، ولبنان، بينما ساعدت السعودية بثلاثة آلاف مقاتل.
ومع أن بعض الجبهات شهدت انتصارات مهمة، كما فعل الجيش العراقي في جنين والجيش الأردني في اللطرون، فإن الانقسامات، وضعف التنسيق، وسوء الإمداد، حوّلت هذه الانتصارات إلى انتكاسات.
فضيحة الأسلحة الفاسدة
في مصر، كانت فضيحة “الأسلحة الفاسدة” عنوانًا بارزًا للهزيمة. تم شراء أسلحة رديئة غير صالحة للقتال، وأُرسلت للجنود على الجبهة. رغم محاولات التغطية، ظلّت هذه الفضيحة دليلاً على سوء الإدارة وغياب الجاهزية.
هدنة… ثم نكسة
رغم فرض مجلس الأمن هدنة في يونيو 1948، خرقتها إسرائيل، وزادت من تسليحها، وزحفت جنوبًا لتحاصر القوات المصرية. في النهاية، وقّعت الدول العربية اتفاقيات هدنة منفردة، لتُكرّس الهزيمة وتبدأ نكسة طويلة الأمد.
لماذا خسر العرب في حرب النكبة؟
من الأسباب العسكرية:
ضعف التدريب والخبرة.
عدم وجود قيادة موحدة.
تفوق اليهود عددًا وعدة.
ومن الأسباب السياسية:
دعم غربي غير محدود للمشروع الصهيوني.
غياب استراتيجية عربية واضحة.
صراعات داخلية عربية أضعفت القرار السياسي والعسكري.
في النهاية… جرح لم يلتئم
انتهت حرب النكبة بخسارة العرب، واستيلاء إسرائيل على معظم أرض فلسطين. خلّفت الحرب أكثر من 15 ألف شهيد فلسطيني وآلاف الشهداء من الجيوش العربية، و5600 قتيل من الجانب اليهودي.
لكن رغم الهزيمة، ولدت من تحت الرماد إرادة مقاومة لم تمت، وذاكرة جماعية لا تزال تنبض بالحلم الفلسطيني.