تاريخ
-
محمد عبد الكريم الخطابي.. أسد الريف الذي هزم الإمبراطوريتين
نشر بتاريخ 2025/05/24 7:21 مساءً
6 مشاهدة
محمد عبد الكريم الخطابي.. أسد الريف الذي أرعب الاستعمار الإسباني والفرنسي
في قرية جبلية صغيرة تُدعى “أجدير”، ولد عام 1882, فتى أمازيغي سيُصبح لاحقًا أيقونة للمقاومة، وواحدًا من ألمع الشخصيات في تاريخ المغرب الحديث. اسمه محمد عبد الكريم الخطابي، لكنه عُرف في الريف بلقب “مولاي مُحَنْدْ”، وقاد ما يُعرف بـ”ثورة الريف” ضد الاستعمار الإسباني والفرنسي. كان ذلك بعد الحرب العالمية الأولى، وتحديدًا في عقد العشرينيات من القرن الماضي، حيث أصبحت جبال الريف نارًا مشتعلة في وجه الاحتلال.
كما وشبّ محمد في كنف عائلة علمية وقضائية، تنتمي إلى قبيلة بني ورياغل، إحدى أقوى قبائل الريف المغربي. والده كان قاضيًا وفقيهًا، وجده كذلك، أما والدته فهي ابنة فقيه أيضًا. وقد جمع الخطابي في نشأته بين العلم والفروسية، فحفظ القرآن وتعلم النحو والشريعة، وأتقن الرماية وركوب الخيل، وأبدع في الشعر.
رحلة العلم.. من القرويين إلى مليلية
كذلك أرسله والده إلى فاس ليدرس في جامعة القرويين، وهناك تألق في التحصيل العلمي. وبعد سنتين، عاد إلى مليلية، المدينة المغربية الواقعة تحت النفوذ الإسباني، فعمل معلمًا وصحفيًا ومترجمًا. وسرعان ما أصبح قاضيًا أول في المدينة، يجيد العربية والأمازيغية والإسبانية، ويتنقل بين المدارس والصحف والمكاتب الاستعمارية.
ثورة الريف.. نهوض أسد
كما وفي عام 1919، غادر الخطابي مليلية إلى مسقط رأسه أجدير، حيث بدأ ينظّم صفوف القبائل الريفية في مواجهة الاستعمار. ومع وفاة والده، تولّى القيادة، ليبدأ فصلًا جديدًا من النضال عرف لاحقًا بـ”ثورة الريف”.
كانت أبرز محطاتها معركة أنوال عام 1921، حيث ألحق بالجيش الإسباني هزيمة كبرى قتل فيها أكثر من 15 ألف جندي، بينهم جنرالات بارزون. وبفضل ذكائه العسكري، أنشأ جمهورية الريف، وطبّق فيها أنظمة حديثة للإدارة والتعليم، وكان أول من ابتكر أسلوب حرب العصابات والخنادق في المغرب.
المنفى.. من جزيرة إلى قاهرة الثوار
كذلك فإن الاستعمار لم يصمت. تحالفت فرنسا مع إسبانيا، واستعملتا الأسلحة الكيماوية ضد الريفيين، فاضطر الخطابي للاستسلام عام 1926. نفي إلى جزيرة لارينيون الفرنسية في المحيط الهندي لمدة 21 عامًا، ثم نقل إلى فرنسا عام 1947، لكنه لجأ في الطريق إلى القاهرة بمساعدة الثوار المصريين.
في القاهرة، تحوّل منزله إلى قبلة للثوار من المغرب والجزائر وتونس، وأسس “لجنة تحرير المغرب العربي”، وظل صوتًا حيًا في ضمير الأمة حتى وفاته عام 1963.