طارق بن زياد: فاتح الأندلس وصانع التاريخ

طارق بن زياد: القائد البربري الذي كتب فصلاً من أعظم فصول الفتح الإسلامي
في زمنٍ كان فيه البحر المتوسط فاصلاً بين عالمين مختلفين، برز اسم واحد خطّ مجده على ضفتيه،
ذلك هو طارق بن زياد، القائد الإسلامي الذي لم يكن عبوره من إفريقيا إلى أوروبا مجرد تحرك عسكري،
بل بداية لعصرٍ جديد من التاريخ. لم يكن طارق مجرد قائد عسكري، بل كان رمزا لتحول عظيم، إذ حمل معه لواء الإسلام إلى أقصى الغرب، إلى الأندلس.
بداية القصة: من طنجة إلى جبل طارق
في شهر رجب من عام 92 هـ، وبينما كانت شبه الجزيرة الإيبيرية ترزح تحت ظلم القوط الغربيين، انطلقت جيوش المسلمين بقيادة طارق بن زياد،
بناء على أمر من والي أفريقيا موسى بن نصير، وبتفويض من الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك.
حطت أقدامه أولاً على جبل سمي لاحقًا باسمه: جبل طارق، ومن هناك بدأ مسيرته لتغيير وجه الأندلس.
في معركة وادي لكة، انتصر طارق بن زياد على ملك القوط لذريق، وكان ذلك الانتصار هو المفتاح الذي فتح به باب الأندلس للإسلام.
استمر الوجود الإسلامي هناك لقرون، وكانت البداية على يد رجل واحد آمن برسالته وقاد جيشًا أغلبه من البربر.
طارق بن زياد: بربري أم عربي؟
بينما تتعدد الأقوال حول نسب طارق بن زياد، تبقى الحقيقة أن شخصيته العظيمة كانت أكبر من كل الخلافات.
فقد قال البعض إنه بربري من قبيلة نفزة أو زناتة، بينما ذهب آخرون إلى أنه عربي من بني ليث أو من قبيلة الصدف اليمنية.
كما وردت روايات تقول إنه فارسي من مدينة همذان.
لكن الثابت في كل الروايات أن طارق كان مولى لموسى بن نصير، وأنه كان محل ثقته،
قوّله على طنجة ثم جعله قائدًا لحملة فتح الأندلس، لما عرف فيه من شجاعة وفصاحة وإخلاص في الدعوة.
الجدل حول المسلسل
من ناحية أخرى، أثار المسلسل التاريخي “طارق بن زياد” الذي يعرض في شهر رمضان الجاري موجة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي.
حيثما عرضت حلقاته، اشتعل النقاش حول أصل القائد، وتعددت الآراء بين من ينسبه للجزائر ومن يراه مغربيًا، وآخرون يرونه عربيًا خالصًا.
وقد فتحت هذه السجالات نقاشًا أعمق حول دور المسلسلات التاريخية في تشكيل الوعي الشعبي بالتاريخ،
ومدى تأثيرها في ترسيخ صورة أو طمس أخرى.
الرسالة الأهم
هكذا، سواء كان بن زياد عربيًا أو بربريًا، فإن ما قدّمه للإسلام لا يمكن إنكاره. لقد كان مثالًا للقائد المؤمن،
الذي لم تهمه العرقيات ولا الانتماءات، بل قاده إيمانه لتحقيق نصرٍ خالد.
في النهاية، تبقى العقيدة الإسلامية هي الحاضن الذي صهر العرب والبربر والعجم في بوتقة واحدة،
فصاروا إخوة في الدين، يحملون رسالة واحدة. كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى”.
شارك الصفحة على وسائل التواصل الاجتماعي