اقتصاد
-
واشنطن تفرض رسومًا جمركية جديدة على السفن الصينية لتعزيز الصناعة المحلية
نشر بتاريخ 2025/04/19 1:18 صباحًا
8 مشاهدة
قرار جديد يهدد سلاسل التوريد العالمية ويصعّد التوتر التجاري مع بكين
في خطوة جديدة ضمن سياق التصعيد التجاري بين الولايات المتحدة والصين، أعلن مكتب الممثل التجاري الأميركي فرض رسوم جمركية على السفن الصينية، تشمل تلك المصنّعة في الصين أو المملوكة من قبل جهات صينية. وتهدف هذه الإجراءات إلى إعادة إحياء صناعة بناء السفن داخل الولايات المتحدة، وتقييد الهيمنة الصينية على هذا القطاع الاستراتيجي.
ووفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، فإن هذه الرسوم ستدخل حيز التنفيذ خلال 180 يومًا من تاريخ الإعلان.
وبحسب ما تم تداوله، ستُفرض الرسوم الجمركية على السفن المرتبطة بالصين مرة واحدة فقط لكل رحلة تقوم بها إلى الولايات المتحدة، على ألا تتجاوز خمس مرات سنويًا لكل سفينة. وتتضمن الإجراءات ما يلي:
رسم بقيمة 50 دولارًا للطن الصافي من البضائع، مع زيادة سنوية بقيمة 30 دولارًا لمدة ثلاث سنوات.
بالنسبة للسفن المصنعة في الصين، سيتم فرض رسم قدره 18 دولارًا لكل طن صافٍ، أو 120 دولارًا لكل حاوية قياسية.
السفن غير الأميركية التي تنقل مركبات ستخضع لرسوم قدرها 150 دولارًا لكل وحدة.
السفن الأجنبية التي تنقل الغاز الطبيعي المسال ستواجه قيودًا متزايدة تبدأ بعد ثلاث سنوات، وتمتد تدريجيًا على مدى 22 عامًا.
يُذكر أن هذه الإجراءات أقل حدة من المقترح الذي تم تداوله في فبراير الماضي، والذي كان ينص على فرض ما يصل إلى 1.5 مليون دولار على كل زيارة لسفينة صينية إلى الموانئ الأميركية.
إعفاءات محددة للسفن الفارغة والمحلية
بحسب هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، فإن السفن الفارغة القادمة لتحميل صادرات مثل الفحم أو الحبوب، إضافة إلى السفن التي تنقل البضائع بين الموانئ الأميركية أو نحو الجزر والأقاليم التابعة للولايات المتحدة، ستكون معفاة من هذه الرسوم. كما شملت الإعفاءات السفن الأميركية والكندية العاملة في منطقة البحيرات الكبرى.
ردود فعل غاضبة من الصين وتحذيرات دولية
ردت بكين بسرعة على القرار الأميركي، حيث صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان، بأن هذه الرسوم “ستضر بجميع الأطراف”، متهمًا الولايات المتحدة برفع تكاليف الشحن وتهديد استقرار الإنتاج وسلاسل التوريد العالمية.
وأضاف المتحدث أن الإجراءات الجديدة “لن تنجح في إعادة إحياء قطاع بناء السفن الأميركي”، وهو ما يتقاطع مع تحذيرات صدرت عن اتحادات أعمال أميركية تمثل نحو 30 قطاعًا اقتصاديًا، أكدت فيها أن القرار سيؤثر سلبًا على قطاعات الزراعة والصناعات التحويلية، ويؤدي إلى رفع أسعار السلع للمستهلك الأميركي.
ترامب يصعّد والبيت الأبيض يستحدث مكتبًا لبناء السفن
تندرج هذه القرارات ضمن سياسة أوسع تنتهجها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أبقى على التحقيق الذي بدأه سلفه جو بايدن في “ممارسات الصين غير العادلة” في مجالات بناء السفن والخدمات اللوجستية.
وفي مارس الماضي، أعلن ترامب عن إنشاء مكتب خاص لبناء السفن يتبع للبيت الأبيض، معتبرًا أن “السفن والتجارة البحرية تمثل ركيزة للأمن الاقتصادي الأميركي”، وفق ما صرّح به ممثل التجارة جيمسون غرير، الذي أكد أن الهدف هو “قلب الهيمنة الصينية وإعادة توجيه السوق لصالح السفن المصنعة محليًا”.
تفوق صيني وانحسار أميركي في بناء السفن
تاريخيًا، كانت الولايات المتحدة رائدة في بناء السفن حتى نهاية الحرب العالمية الثانية. إلا أن بيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية تشير اليوم إلى تراجع كبير، حيث لم تعد أميركا تساهم بأكثر من 0.1% من الإنتاج العالمي، في مقابل سيطرة الصين على قرابة 50% من السوق، متقدمة على كوريا الجنوبية واليابان.
تأثير عالمي متزايد وتحويل لمسارات الشحن
أفادت “بي بي سي” بأن هذه الرسوم تأتي في ظل اضطراب كبير في حركة التجارة العالمية، خاصة بعد أن رفعت إدارة ترامب الرسوم على بعض الواردات الصينية إلى 145%، ومن المتوقع أن تصل إلى 245% بعد دمج الرسوم الجديدة.
ونتيجة لذلك، بدأت العديد من السفن الصينية بتحويل وجهتها من الولايات المتحدة نحو أوروبا، ما تسبب بازدحام شديد في موانئ مثل فيلكستو في بريطانيا، وروتردام بهولندا، وبرشلونة في إسبانيا.
وأشار سانه ماندرز، رئيس شركة “فليكس بورت” للخدمات اللوجستية، إلى أن الربع الأول من عام 2025 شهد ارتفاعًا بنسبة 15% في واردات الصين إلى المملكة المتحدة، و12% إلى الاتحاد الأوروبي، مؤكدًا أن هذه الزيادة ناتجة عن سياسة الرسوم الجمركية على السفن الصينية.
وأضاف ماندرز أن هذه التغيرات قد تدفع الشركات إلى إعادة رسم سلاسل التوريد العالمية، بحثًا عن أسواق بديلة أو سبل لتجاوز الرسوم، متوقعًا أن يدفع المستهلك الأميركي ثمن هذه السياسات من خلال ارتفاع الأسعار.