الوضع الداكن
ثقافة - انطلاق مشروع إعمار بيت السياب في جيكور وتحويله إلى متحف عراقي
نشر بتاريخ 2025/05/29 12:36 صباحًا
19 مشاهدة
بدر-السايب

بيت السياب في جيكور.. من منبع الإلهام إلى مشروع إنقاذ جديد

مدخل يروي الحكاية

من خلال باب خشبي صغير، لا يشبه أبواب البيوت الحديثة المجاورة، مزخرف يعلوه فانوس قديم ويتوجه طابوق مفخور، يدخل الزائر إلى البيت التراثي الكائن في قرية “بَقيع” الصغيرة، وهي جزء من جيكور التابعة لقضاء أبي الخصيب في محافظة البصرة. في إحدى غرف هذا البيت، وُلد الشاعر العراقي بدر شاكر السياب (1926–1964)، أحد أبرز رموز الشعر العربي الحديث.

من البيت إلى الأسطورة

بين هذا البيت ونهر بويب القريب منه، وبين بساتين جيكور الظليلة، تشكّلت ملامح الرؤية الأولى للسياب، فحوّل المكان عبر شعره إلى رمز حي يقترن باسمه، ولم تعد معالمه مجرد جغرافيا، بل صارت قبلة لعشّاق الشعر ومقصداً للباحثين عن ينابيع الإلهام.

تاريخ البناء ومكوناته

بُني البيت في الربع الأول من القرن التاسع عشر باستخدام الطابوق المفخور والطين المخلوط بالقش، وفق الطراز الريفي التقليدي. تتوسطه فسحة محاطة بغرف مستطيلة، وكانت البساتين تحيط به قبل أن تلتهمها موجات الزحف العمراني.

طفولة السياب وذكرياته

تقول آلاء بدر السياب، ابنة الشاعر، إن والدها عاش طفولته في هذا البيت في ظل والدته، ثم انتقل لاحقاً إلى بيت جدته في “المناوي” مع بداية دراسته الثانوية. وظل يعود إلى بيت جيكور خلال العطل الدراسية حتى التحاقه بدار المعلمين العالية في بغداد عام 1943. وتشير إلى أن وفاة والدته ثم جدته لأبيه، كان لهما الأثر البالغ في حياته وشِعره.

هجران وتحولات مؤلمة

حتى ستينيات القرن الماضي، كان البيت مأهولاً بثلاثة أجيال من آل السياب، لكنه بدأ يفقد روحه تدريجياً مع هجرة الأبناء ووفاة الكبار. تحوّل إلى مخزن للطماطم، ثم نادٍ رياضي، ثم ملعب، قبل أن تهمله الدولة وتتركه فريسة للزمن والحروب.

مشروعات لم تكتمل

في السبعينات، اشترت وزارة الإعلام الدار بغرض تحويله إلى متحف، دون تنفيذ فعلي. وفي عام 2002، بدأت وزارة الثقافة محاولة لإعادة تأهيله، لكنها توقفت بعد غزو 2003. تكررت المحاولات في 2013 و2015، لكن الترميم فقد روحه التراثية، وتم تحديث المكان بمواد عصرية شوهت أصالته.

أصوات احتجاج ومطالبات بالإنقاذ

مع استمرار الإهمال، أظهرت صور متداولة في 2023 تهالك سقوف الغرف. أثارت هذه الصور استياء مثقفين أطلقوا نداءات استغاثة، لتستجيب الحكومة مؤقتاً قبل أن تخفت الجهود مجدداً. في عام 2024، عاد الانهيار ليكشف عمق المشكلة.

رمزية ثقافية في مهب الإهمال

يُصنَّف البيت ضمن المباني التراثية المشمولة بالحماية وفق قانون الآثار، وقد احتضن بعض الفعاليات الثقافية والمهرجانات الأدبية، لكنها لم تدم طويلاً بسبب غياب الدعم والرؤية المؤسسية.

مشروع جديد لإنقاذ الإرث

في 14 مايو 2025، أعلن عن انطلاق مشروع جديد لإعمار بيت السياب وتحويله إلى متحف ثقافي، بتعاون مشترك بين مؤسسة “رؤى البصرة الثقافية”، ومفتشية الآثار في البصرة، ومنظمة اليونسكو. شهد المشروع الانتهاء من المسح المعماري للدار، ويُنتظر بدء أعمال التنفيذ في سبتمبر، بإشراف مهندس فرنسي متخصص في العمارة التراثية.

أمل متجدد

أعربت آلاء السياب عن أملها في أن يصبح البيت بعد الترميم منارة ثقافية تليق بإرث والدها، مشيرة إلى أن العائلة ستشارك ببعض المقتنيات الخاصة التي ستُعرض داخل المتحف.

الكلمات الدلالية
مقالات ذات صلة
اقرأ ايضاً
اخر الحلقات