الوضع الداكن
تاريخ - “الشيخ الرئيس” العالم الطبيب… ابن سينا
نشر بتاريخ 2024/05/23 10:40 صباحًا
387 مشاهدة

أبو علي الحسين ابن سينا، عالم وطبيب وفيلسوف مسلم، يعد أحد أهم المفكرين الموسوعيين في العصور الوسطى والمرجع الأساسي للكثير من العلوم لعدة قرون، نشأ وتعلم في بخارى، ونبغ في العديد من العلوم والمعارف قبل سن العشرين، إذ طاف البلاد وناظر العلماء واتسعت شهرته، وعمل في السياسة وتقلد الوزارة، وكان يُنفى تارة ويسجن تارة أخرى حتى أنه اتُّهم بالإلحاد والزندقة.

ترك تراثا ضخما من المؤلفات المحفوظة في مكتبات الشرق والغرب، جزء منها طبع وبعضه لا يزال مخطوطا، وكثير منها اختفى بلا أثر، وبعضها ترجم إلى اللاتينية في أيامه، وللفرنسية والصينية والأيرلندية حديثا، بالإضافة إلى لغات أخرى.

يلقب في الشرق وبين تلاميذه وأتباعه بـ”الشيخ الرئيس” و”أرسطو الإسلام” وفي الغرب بـ”أمير الأطباء” و”أبو الطب”، وصفه المؤرخون بأنه كان يمتلك عقلا نبيها وفطنا كالأديب يوهان غوته، ويتسم بعبقرية وإبداع الفنان ليوناردو دافنشي، وساهم بكفاءته وعلمه النابغ في نهضة الحضارة الإسلامية وتقدمها وارتقائها، وقدم إنتاجا علميا لا يزال العالم يعتمد عليه حتى اليوم.

المولد والنشأة

ولد الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي المشهور بـ”ابن سينا” عام 980 ميلادي (370 هجري) في قرية أفشنة الواقعة الآن بمنطقة أوزبكستان، حيث تنسب إليها والدته وتسمى “ستارة” وفي رواية “استنارة”.

أما والده فكان من بلخ (في أفغانستان)، ثم انتقل إلى بخارى وتولى العمل بإحدى قراها ويقال لها “خرميثن”، ثم عمل محاسبا في جمع الضرائب بالمدينة التي استقر فيها مع أسرته عام 985 ميلادي (375 هجري)، وكان حينئذ في الخامسة من عمره.

نشأ الصبي الحسين في أسرة علم كان بيتها ملتقى لرجال العلم المشهورين وذات مركز سياسي في البلاط الساماني زمن نوح بن منصور الملقب بـ”أمير خراسان”، لكن هوى نجمها لما مات الأمير عام 997 ميلادي (387 هجري).

وعندما بلغ الـ22 من عمره فقد أباه، فاضطربت حياته وتغير وضعه، فثقلت عليه الإقامة في بخارى ورحل عنها، وكانت الأوضاع السياسية تضطره إلى تغيير موطنه والارتحال من بلد إلى آخر، وكان يتلقى فيها التشريفات أحيانا، ويعيش عيشة بائسة أحيانا أخرى، ويقتات في أطوار مختلفة مما يتلقاه من أجر نظير خدمات طبية يقدمها للمرضى.

ويحكى عنه أنه كان يحب الأنس والأطعمة الفاخرة، فكان كل ليلة بعد نهاية الدرس يستقدم العازفين ويمد الموائد الممتعة ويقضي كذلك طرفا من الليل مع تلاميذه وأحبابه، إذ أبان شعره أنه لم يكن من الزهاد.

اختلف الباحثون في عقيدته، بين من قال إنه مسلم مخلص في إسلامه، ومن اتهمه بالكفر والزندقة، فكان يرد على الذين اتهموه في دينه “إن تكفير مثلي ليس بالأمر الهين، ولا يوجد إيمان أقوى من إيماني، أنا وحيد دهري وأكون كافرا، إذن لا يوجد في العالم كله مسلم واحد”.

أثبتت الرسومات الشارحة التي حفلت بها مخطوطاته أنه كان رساما موهوبا، كما كان أديبا وشاعرا وموسيقيا يحسن العزف على العود، وعني بالموسيقى سماعا ودراسة نظرية، ونسب إليه علي واجد خان اختراع آلة الطنبور في كتابه “مطلع العلوم”، وهناك من نسب إليه اختراع العود.

كان متقنا الفارسية والعربية لغة العلم حينها، ويظهر من أخباره أنه تميز بذاكرة قوية، وذكاؤه كان من النوع الذي يظهر قبل أوان ظهوره عند أشباهه في السن والمواهب، وكان طموحا وشديد الاعتداد بنفسه، ويتمتع ببنية جسمانية قوية وبحدة النظر والسمع.

وحفظ ابن سينا سيرته في مرحلة ما من سنوات عمره الأخيرة، حيث أملاها على تلميذه أبو عبد الله الجوزجاني الذي لازمه أكثر من 25 سنة.

الكلمات الدلالية
مقالات ذات صلة

لا توجد مقالات ذات صلة

اقرأ ايضاً
اخر الحلقات