يُشير “توتر هابل” إلى التناقض المحيّر بين طريقتين لقياس معدل تمدد الكون، أو ما يُعرف بـ”ثابت هابل”.
فبينما تظهر القياسات المحلية، المعتمدة على المستعرات العظمى والمجرات القريبة، أن الكون يتمدد بسرعة،
تشير قياسات أخرى، تستند إلى إشعاع الخلفية الكونية الناتج عن الانفجار العظيم، إلى معدل تمدد أبطأ.
هذا الاختلاف لا يعد بسيطًا، إذ إن ثابت هابل يعد حجر الأساس في نماذج علم الكونيات. ونتيجة لهذا التناقض،
ظهرت شكوك حول مدى اكتمال النماذج الكونية الحالية، ما دفع العلماء للبحث عن تفسيرات بديلة.
الدوران الكوني كحل محتمل
الدراسة المنشورة في دورية Monthly Notices of the Royal Astronomical Society تقترح أن الكون قد يكون له دوران طفيف،
يقدّر بدورة واحدة كل 500 مليار سنة. وبالرغم من أن هذا الدوران بطيء للغاية، إلا أنه قد يكون كافيًا لإحداث تأثير ملموس على تمدد الكون.
وفقًا للنظرية النسبية العامة، فإن الكتل الضخمة القابلة للدوران -مثل الكون كله- يمكنها أن تلتف حول نسيج الزمكان،
في ظاهرة تعرف بـ”سحب الإطار”. لتقريب الفكرة، تخيّل كرة حديدية تدور في وعاء مملوء بالعسل،
حيث يبدأ العسل المحيط بالدوران بفعل حركة الكرة. نفس الأمر يعتقد أنه يحدث في الفضاء حول الكتل الدوّارة.
النتائج المحتملة للدوران الكوني
عند دمج فكرة الدوران الكوني في النماذج الكونية الحالية، وجد الباحثون أن هذه النماذج المعدّلة تتوافق بشكل أفضل مع الأرصاد الفلكية المتاحة.
كما أن إدخال الدوران يسهم في تفسير اختلاف معدلات التمدد المُسجلة، وهو ما يعزز إمكانية أن يكون الدوران الكوني هو السبب الخفي وراء “توتر هابل”.
وتشير نتائج الدراسة إلى أن الكون في هذه الحالة لن يتمدد بالتساوي في جميع الاتجاهات،بل قد يظهر اختلاف في سرعة التمدد بحسب زاوية الرصد والموقع، مما يبرر الفروق بين قياسات المجرات القريبة وإشعاع الخلفية الكونية.
الفرضية قيد الدراسة والاختبار
رغم ما تقدّمه هذه الفرضية من تفسير منطقي، فإن الباحثين يؤكدون أنها لا تزال في طور البحث، وتحتاج إلى دعم رصدي وتجريبي مباشر. فحتى اللحظة، لا توجد دلائل قاطعة على وجود دوران فعلي للكون.
لكن في حال تأكدت هذه النظرية، فإن الدوران الكوني سيُجبر العلماء على إعادة صياغة النماذج الكونية من جديد، وسيفتح بابًا جديدًا لفهم بنية الكون وتاريخه، وربما أصله.