الوضع الداكن
ثقافة - مفهوم وأشكال وصور… الأدب
نشر بتاريخ 2024/05/23 11:00 صباحًا
366 مشاهدة

الأدب نتاج إنساني، وشكل من أشكال التعبير اللغوي عن الفكر والعاطفة، فهو الثوب القشيب الذي يكسو مخرجاتنا العقلية والقلبية ويقدمها بقالب لغوي مميز وراق ومختلف عن لغة الحياة اليومية. قد يكون شعرا أو نثرا، وهو السجل الذي يحفظ لكل أمة من الأمم قسما كبيرا من تاريخها وثقافتها وحضارتها.

في كتابه “ما الأدب؟” جعل جان بول سارتر الدوافع التي تدفع الكاتب نحو الكتابة، إلى جانب تساؤلات مثل “لماذا نكتب؟ ولمن نكتب؟” هي محور الحديث عن ماهية الأدب، فجاء الحديث مركزا على الهدف والغاية من الأدب لتحديد ماهيته.

والأدب مصدره الإنسان وغايته الإنسان، والإنسان مكون من الروح والمادة والعقل الوجدان، وكل مكون من هذه المكونات يحتاج إلى الإشباع، ولأن هذه المكونات تتشابك تشابكا محكما ولا تنفصل عن بعضها، كان الأدب ركنا أساسيا في تلبية احتياجات الروح والوجدان والقلب، فهي ركائز رئيسة في تكوين الإنسان وتشكيله.

يقال في تعريف الأدب إنه روح الأمة، ووفقا للكاتب والفيلسوف الإنجليزي وليم هازلت فهو الصورة الحقيقية والصادقة لأفكار الأمة.

ويقال في تعريف علم الأدب إنه “معرفة ما يحترز به من جميع أنواع الخطأ في كلام العرب لفظا وخطا، وغاية هذا العلم الإجادة في فني النظم والنثر، إضافة إلى تهذيب العقل وتزكية الجنان”. وقد ذكر ابن خلدون أن لفظ الأدب كان يطلق فيما سبق على العلوم كلها بنوعيها الديني والدنيوي. ورأى أن المقصود بعلم الأدب هو ثمار اللسان والإجادة في فني النظم والنثر، وفقا لأساليب العرب وطرائقهم، وارتبط فيما بعد بحفظ أشعار العرب وأخبارها، واختصر بأنه “الأخذ من كل علم بطرف”.

في السؤال عن أصل التسمية والمعنى اللغوي للكلمة فهي في لسان العرب ما “يتأدب به الأديب من الناس؛ لأنه يأدِب الناس إلى المحامد، وينهاهم عن المقابح. وأصل الأدب الدعاء، ومنه قيل للصنيع يدعى إليه الناس مأدبة (بتثليث الدال)… والأدب: أدب النفس والدرس. وهو الظرف وحسن التناول. وأدبه فتأدب أي علمه”. وقد جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجامع الصغير بإسناد ضعيف أنه قال: “أدبني ربي فأحسن تأديبي”. ومما أثر عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن هذا القرآن مأدبة الله في الأرض، فاقبلوا مأدبته ما استطعتم”؛ وقال أبو عبيدة في شرحه “شبّه القرآن بصنيع صنعه الله للناس، لهم فيه خير ومنافع، ثم دعاهم إليه”.

وجاء في تاج العروس للمرتضى الزبيدي أنه “مَلَكة تعصم من قامت به عما يشينه”، وأنه “تعلم رياضة النفس ومحاسن الأخلاق،… وإطلاقه على علوم العربية مُوَلَّدٌ حَدَثَ في الإسلام”. فقد صارت كلمة الأدب بالزمن ونتيجة التطور الدلالي للفظ تدل على العلم عامة، وعلى تعليم الشعر والأخبار وروايتها خاصة، وتدل على اللغة العالية من النثر والنظم وما اتصل بهما، وكل ما يُحدث لدى المتلقي أثرا ويترك لديه لذة لغوية فنية فارقة ومميزة.

كان الأدب شفويا في العصر الجاهلي، فضاع منه ما ضاع ووصل إلينا منه ما وصل، وصار يضم اليوم تحت جناحيه كل ما دُوّن من شعر بأغراضه المعهودة من مدح وفخر وهجاء ورثاء وغزل وحكمة وغير ذلك، وكل ما دُوّن من نثر كالخطب والرسائل بأنواعها المتعددة، والمقامات والقصص والروايات وما إلى ذلك. وهو عند الجاحظ: “إما خلق وإما رواية”. وفي المعجم الوسيط هو: “رياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي، وجملة ما ينبغي لذي الصناعة أو الفن أن يتمسك به كأدب القاضي وأدب الكاتب، والجميل من النظم والنثر وكل ما أنتجه العقل الإنساني من ضروب المعرفة وعلوم الأدب عند المتقدمين تشمل اللغة والصرف والاشتقاق والنحو والمعاني والبيان والبديع والعروض والقافية والخط والإنشاء والمحاضرات. وجمعه آداب، وتطلق حديثا على الأدب بالمعنى الخاص والتاريخ والجغرافية وعلوم اللسان والفلسفة. والآداب العامة هي العرف المقرر المرضي”.

الكلمات الدلالية
مقالات ذات صلة

لا توجد مقالات ذات صلة

اقرأ ايضاً
اخر الحلقات