الوضع الداكن
اقتصاد - الرسوم الجمركية الأميركية.. كيف غيّر ترامب قواعد اللعبة؟
نشر بتاريخ 2025/05/31 9:56 مساءً
77 مشاهدة
الرسوم الجمركية الأميركية

ترامب يعيد تشكيل الرسوم الجمركية الأميركية لتحريك الصناعة وكسب الأصوات

في مشهد انتخابيٍّ بدا أنه صُمّم بعناية، وقف دونالد ترامب على منصة مرتفعة في منشأة “إيرفين ووركس” قرب بيتسبرغ، ليُعلن أمام جمهور من العمال عن رفع الرسوم الجمركية الأميركية على واردات الصلب والألومنيوم إلى 50%. كانت الرسوم سابقًا 25%، لكن ترامب، كعادته، اختار التوقيت والمكان ليمنح إعلانه بُعدًا سياسيًّا واقتصاديًّا مدروسًا.

 


تابعونا على التليكرام


استثمار ياباني بشروط أميركية

الهدف الأول من قرار رفع الرسوم الجمركية الأميركية كان تأمين صفقة شراكة مع “نيبون ستيل” اليابانية. الصفقة، كما صوّرها ترامب، ليست بيعًا بل “استثمار تحت رقابة وطنية”، بشرط أن تلتزم الشركة بضخ 14 مليار دولار في السوق الأميركية، خلال 14 شهرًا فقط.

الاستثمارات ستوزّع بين توسيع منشآت “مون فالي” في بنسلفانيا، وبناء مصانع جديدة، وتطوير خطوط إنتاج لصناعة الصلب عالي الجودة، المخصص للسيارات والدفاع.

“السهم الذهبي”.. السيطرة الأميركية على الصفقة

لكن ترامب لم يكتفِ بالأموال. فقد فرضت شروط غير مسبوقة على الشريك الياباني:

  • الرئيس التنفيذي يجب أن يكون أميركيًّا.

  • أغلبية أعضاء مجلس الإدارة من الأميركيين.

  • الحكومة تملك “سهمًا ذهبيًّا” يتيح لها التدخل في التعيينات ومنع خفض الإنتاج.

  • التزام بعدم تسريح العمال لعشر سنوات.

  • الحفاظ على الطاقة الإنتاجية الكاملة.

هذه الشروط وضعتها لجنة الاستثمار الأجنبي (CFIUS)، وهي هيئة أمنية لا تعلن عن مداولاتها، ما يعكس حساسية الصفقة.

أوروبا ترد والصين تغلي

رفع الرسوم الجمركية الأميركية لم يمرّ بهدوء في بروكسل. فالاتحاد الأوروبي وصف القرار بـ”التهديد لمناخ الشراكة”، وأعلن عن حزمة إجراءات مضادة تشمل:

  • فرض رسوم على الصادرات الأميركية، خصوصًا السيارات.

  • تفعيل نزاعات مجمّدة في منظمة التجارة العالمية.

  • قيود على استيراد التكنولوجيا ومعدات الطاقة الأميركية.

في الوقت نفسه، عاد التوتر مع الصين. اتهم ترامب بكين بالتلاعب وعدم الوفاء بالتزاماتها التجارية. وردّت وزارة التجارة الصينية ببيان حذر لكنها حملت لهجة تحذيرية.

أرباح سريعة.. لكن على من؟

ورغم أن الأسواق الأميركية رحّبت بالقرار، وسجّلت شركات الصلب قفزات كبيرة في أسهمها، إلا أن قطاع البناء أطلق تحذيرات مبكرة. فالولايات المتحدة تعتمد على استيراد 17% من احتياجاتها من الصلب، ومع أي ارتفاع في الأسعار، ستتأثر مشاريع الإسكان والبنية التحتية سلبًا.

تحوّل ترامب.. حنكة سياسية أم مناورة انتخابية؟

ما يثير الانتباه، أن ترامب كان قبل أشهر فقط من أشد معارضي صفقة “يو إس ستيل”، لكنه أعاد تقديمها بشروط أميركية صارمة، وصاغ خطابًا قوميًّا حول الرسوم الجمركية الأميركية باعتبارها وسيلة لحماية الصناعات وخلق وظائف جديدة.

وقد تكون هذه الخطوة محاولة لاستقطاب الولايات الصناعية، بينما يحذّر محللون من أن هذه السياسات، رغم شعبيتها الآنية، قد تشعل حروبًا تجارية وتضر بالصادرات الأميركية على المدى الطويل.

في النهاية، يبقى السؤال: هل ما فعله ترامب يمثل ضربة معلم انتخابية؟ أم أنه مقامرة سياسية ستكلّف الاقتصاد الأميركي ثمنًا باهظًا؟

الكلمات الدلالية
مقالات ذات صلة
اقرأ ايضاً
اخر الحلقات