Site icon قناة الفلوجة | Alfallujah Tv

مملكة سبأ.. حضارة الجنتين التي تواجه خطر الاندثار

مملكة سبأ

موقع أثري بعمق التاريخ

تقع مملكة سبأ في محافظة مأرب شرقي العاصمة اليمنية صنعاء، وتُعد واحدة من أقدم الممالك في شبه الجزيرة العربية.

لقرونٍ طويلة، سيطرت على طرق التجارة الممتدة من الهند إلى بلاد الشام وسواحل المتوسط، مما جعلها مركزًا حضاريًا واقتصاديًا بارزًا في العالم القديم.

ومع تعاظم أهميتها التاريخية، أدرجتها منظمة اليونسكو ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي، ليصبح لليمن خمسة مواقع مدرجة في هذه القائمة،

وهي: مدينة صنعاء القديمة، شبام حضرموت، زبيد، جزيرة سقطرى، ومعالم مملكة سبأ.

لكن هذه المواقع باتت جميعها تواجه تهديدات مباشرة بسبب الحرب، السيول، أو الإهمال البشري.

 


تابعونا على التليكرام


أرض الجنتين وأسرار الطريق القديم

كانت مملكة سبأ تُعرف بـ”أرض الجنتين”، وتقع جنوب مدينة مأرب الحالية، تحديدًا على الضفة اليسرى لوادي ذنة. ومع مرور الزمن، تحولت إلى مدينة مزدهرة ومحطة رئيسية على طريق “اللبان” التجاري، الذي ربط الجنوب اليمني بميناء غزة على البحر المتوسط.

ورغم أن تاريخ نشأتها لا يزال غير معروف بدقة، إلا أن معالمها الأثرية تدل على عظمتها. فقد وصفها الجغرافي الإسكندري بطليموس بأنها قلب الإقليم المناخي الأول، وكانت مساحتها تقارب 110 هكتارات، يحيط بها سور بطول 4.5 كيلومترات، تتخلله ثمانية أبواب رئيسية.

ومع انهيار سد مأرب وتراجع الزراعة، بدأت المدينة تفقد بريقها، واضطر سكانها إلى الهجرة شمالًا، في وقتٍ بدأت فيه دولة حمير بالبروز كقوة منافسة، ما أدى تدريجيًا إلى أفول نجم سبأ خلال القرن الثاني الميلادي. ومع ذلك، ظلت المدينة مأهولة حتى القرن الثامن الميلادي، وما زالت أطلال معابدها وقصورها قائمة، وإن طُمِر كثير منها تحت الرمال.

سد مأرب.. معجزة الري في العالم القديم

يعد سد مأرب القديم من أعظم إنجازات السبئيين في مجال الري والهندسة. فقد ارتبطت به الأساطير التي تقول إن عمالقة من قوم عاد هم من بنوه، نظرًا لضخامة حجارته ودقة تصميمه.

بني السد في مطلع الألف الأول قبل الميلاد، ضمن منظومة تحكمت بمياه وادي ذنة عبر قنوات تصريف متقنة، ما مكّن من ري أكثر من 72 كيلومترًا من الأراضي الزراعية. غير أن السد لم يسلم من الانهيارات المتكررة نتيجة تراكم الطمي والصراعات الداخلية، حتى تهدّم بشكل شبه نهائي بين القرنين الثالث والرابع الميلاديين.

اليوم، لم يتبقَّ من السد سوى بعض الجدران المدمّرة بفعل الحرب، بينما يشكّل السد إرثًا إنسانيًا يستحق الحماية الفورية.

معبد أوام.. مركز الطقوس الدينية للقبائل العربية

يقع معبد أوام أو ما يعرف بـ”محرم بلقيس” على بعد خمسة كيلومترات جنوب شرق مأرب القديمة، وكان المعبد الرسمي للإله “المقة”، إله القمر عند السبئيين. وقد مثّل هذا المعبد أضخم مجمّع ديني في جنوب الجزيرة العربية، حيث توافدت عليه القبائل من داخل اليمن وخارجها لأداء الطقوس والقرابين.

بني المعبد في منتصف الألفية الثانية قبل الميلاد، وكان محاطًا بسور بيضاوي الشكل بطول 300 متر وارتفاع أكثر من 15 مترًا. كما اكتُشف فيه أكثر من 300 نقش تتناول مواضيع قانونية واقتصادية ودينية، مما جعله بمثابة مكتبة توثيقية أثرية.

لكن المعبد اليوم في حالة مزرية، حيث دمرت معالمه وسرقت نقوشه التي باتت تباع في المزادات العالمية.

معبد برّان.. عرش بلقيس كما يعرفه العامة

رغم أن لا علاقة له تاريخيا بـ”بلقيس”، إلا أن معبد بران يعرف شعبيا بـ”عرش بلقيس”،

وهو من أبرز المعالم الأثرية في اليمن. يتوسطه بئر مقدسة وسلم يقود إلى ستة أعمدة شاهقة، اقتُطع كل منها من حجر واحد، فيما يقع خلفها قدس الأقداس.

كان هذا المعبد مكرسا للإله “المقة”، ويضم بئرا كانت تستخدم للتطهر والتبرك،

بينما كان الماء يصرف عبر ميزاب حجري على شكل رأس ثور. وقد فقد المعبد أهميته بعد دخول اليمن في الديانة التوحيدية خلال القرن الرابع الميلادي.

رغم قيمته التاريخية، يعاني المعبد من الإهمال، وتطلق من حين لآخر حملات شعبية للمطالبة بحمايته من العبث والنهب.

صرواح.. المدينة الثانية لمملكة سبأ

إلى الغرب من مأرب، تقع مدينة صرواح التي كانت تحتل المرتبة الثانية بعد العاصمة في مملكة سبأ. تأسست في وادٍ خصب، مما وفّر لها مقومات الزراعة والاستقرار، كما أحاطتها جبال شكلت لها حصانة طبيعية.

تنتشر في صرواح بقايا المعابد والقصور والنقوش التي تدل على قدسيتها لدى السبئيين،

ويعتقد أن المدينة لعبت دورا دينيًا وسياسيًا بارزا، خصوصًا أن معابدها احتوت على نقوش تتناول طقوس العبادة وأوجه الحياة المختلفة في ذلك العصر.

Exit mobile version