أثارت جريمة مقتل شاب مسلم داخل مسجد في منطقة غارد الفرنسية غضبًا واسعًا في الأوساط الإسلامية والحقوقية، وجددت النقاش حول تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا، التي باتت تشكل خطرًا عالميًا، خاصة في ظل مواقف رسمية غربية متخاذلة تخلط بين مفاهيم التعايش الإنساني وازدراء الأديان.
الأندلس.. منبع التعايش ومعركة الهويات
يعود أصل بعض المواقف العدائية تجاه الإسلام إلى جذور تاريخية ضاربة في القدم، خاصة في تجربة الأندلس الإسلامية التي مثّلت على مدى ثمانية قرون ساحة تماس بين الحضارتين الإسلامية والمسيحية.
وقد شكّل الموقع الجغرافي للغرب الإسلامي، وخاصة الأندلس، مرتعًا لتلاقح الحضارات، ومزيجًا ثريًا من الأديان والأعراق، حيث ساد التسامح في أغلب العصور، حتى أن المؤرخ الفرنسي هنري دي كاستري كتب: “كانت حال المسيحيين في ظل حكم المسلمين بالأندلس أفضل من أيام خضوعهم لحكم الجرمانيين.”
إرث التعصب وتشكيل الإسلاموفوبيا
رغم التسامح الإسلامي، ظهرت حركات مسيحية متطرفة في الأندلس، من أبرزها حركة “الشهداء المتطوعين” بقيادة القس يولوخيو القرطبي، والتي سعت لصدّ انتشار اللغة والثقافة الإسلامية بين المسيحيين، لكنها فشلت، كما أشار المستشرق ليفي بروفينسال.
ويرى باحثون أن هذه الحركات شكّلت نواة أولى لما يُعرف اليوم بـ”الإسلاموفوبيا” في أوروبا، وأسهمت في تشكيل صورة نمطية سلبية عن المسلمين استُخدمت لاحقًا في محاكم التفتيش بعد سقوط الأندلس.